تيسير أصول الحديث(1)
المقدمة الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد...
دراسة
أصول علوم الشريعة أمر ضروي لكل طالب علم ولا يغني طلب علم عن آخر بيد أنه يعظم
علم على آخر من ناحية أثره وسعة استعماله في العلوم الأخرى، ولما كانت شريعة
الإسلام قائمة على الكتاب والسنة ومنهما انبثقت كل العلوم الشرعية من تفسير وفقه
وآداب وسلوك... اهتم العلماء بهذين الأصلين:
فأما
القرآن: فكان تعامل العلماء معه مباشرة لأنه نقل إلينا بالتواتر وما على العلماء
إلا أن ينهلوا من هذا الوحي الرباني المحفوظ في الصدور والمصحف وقال سبحانه في يسر
ذكره "ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر" (القمر22)
وأما
السنة النبوية: فقد حفظها الله على أيدي رجال ثقات "ركبوا في تحصيل الصعب
والذلول، وقطعوا البراري والقفار، ولقوا ما لقوا من الشدائد والأهوال.. وتحملوا
شظف العيش، وصعوبة وسائل السفر والارتحال" كل ذلك حتى يسمعوا الحديث من أهله
فحفظوا السنة الصحيحة وميزوها من المكذوبة ودونوا الحديث في مصنفات منها المجامع
والسنن والمسانيد والمعاجم والمستخرجات والمستدركات وغير ذلك وذكروا الأحاديث
بأسانيدها وصنفوا كتب التراجم ووضعوا القواعد التي يظهر بها حال الرواة من جهة
الضبط والعدالة ثم صنفوا الكتب في العلوم المختصة بالحديث وظهر مع هذه المصنفات
علم أصول الحديث أو مصطلح الحديث أو علوم الحديث:وهو مجموعة القواعد والمباحث
المتعلقة بالإسناد والمتن أو الراوي والمروى حتى تقبل الرواية أو ترد.
۞
أهمية علم أصول الحديث:قال
الإمام النووي:"إن من أهم العلوم تحقيق معرفة الأحاديث النبويات أعنى معرفة
متونها، صحيحها وحسنها وضعيفها وبقية أنواعها المعروفات ودليل ذلك أن شرعنا مبنى
على الكتاب العزيز والسنن المرويات وعلى السنن مدار أكثر الأحكام الفقهيات فإن
أكثر الآيات مجملات وبيانها في السنن المحكمات"
ولما
كانت الأحاديث النبوية أخباراً.. وجب على المسلم أن يتحقق من صحة ثبوت الخبر قبل
به، ولذلك اعتنى المحدثون بوضع هذه القواعد التي يتميز بها الصحيح من غيره.. وما
من علم من علوم الشريعة إلا وهو في حاجة إلى معرفة ما نقل عن النبي
r فيه، وهذا يتطلب بل
يوجب معرفة صحته من ضعفه ومن هنا وجدنا أن علم أصول الحديث لا يستغني عنه أي عالم
في أي علم لأنه به يعرف الصحيح من الضعيف.
۞
تعريف علم أصول الحديث:قال
ابن الأكفاني (ت794هـ):"ينقسم علم أصول الحديث إلى قسمين".
1-
علم الحديث رواية:"وهو علم يشتمل على أقوال النبي
rوأفعاله وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها.
2-
علم الحديث دراية: "وهو علم يعرف منه حقيقة الرواية وشروطها وأنواعها،
وأحكامها، وحال الرواة، وشروطهم وأصناف المرويات وما يتعلق بها.
* فحقيقة الرواية: نقل السنة ونحوها وإسناد ذلك إلى من عزى
إليه بتحديث أو إخبار وغير ذلك.
(
وشروطها):
تحمل راويها لما يروي بنوع من أنواع التحمل، من سماع أو عرض أو إجازة ونحوها.
(
وأنواعها):
الاتصال والانقطاع ونحوهما.
(
وأحكامها)
القبول والرد.
(
حال
الرواة) العدالة والجرح وشروطهم في التحمل والآراء.
(
أصناف
الروايات):المصنفات من المسانيد السنن والمعاجم وغيرها.
(
وما
يتعلق بها): هو معرفة اصطلاح أهلها.
وقال
ابن جماعة:" علم الحديث: هو علم بقوانين يعرف بها أحوال السند والمتن)
وموضوعه السند والمتن" وغايته:معرفة الصحيح من غيره.
وقال
الحافظ ابن حجر: أولى التعريف أن يقال:"معرفة القواعد المعرفة بحال الراوي
والمروى".
۞
أهدافنا في دراسة أصول الحديث:لن
نبحث في كلمة تتعلق بعلم أصول الحديث إلا إذا كانت ذات صلة بالأهداف المرجوة من
دراسة هذا العلم والتي نجملها لك فيما يلي:
معرفة
المصطلحات الحديثية المهمة التي تتداول في الكتب الإسلامية.
معرفة
ودراسة القواعد التي اعتمدها أئمة الحديث في الحكم على الحديث.
معرفة
أسماء وأنواع ومناهج المصنفات في الحديث.
معرفة
كتب التراجم التي تكلمت في الرواة من جهة الجرح والتعديل.
معرفة
طرق التخريج التي يعرف بها موضع الحديث في كتب السنة.
دراسة
علم الجرح والتعديل والتعرف على قواعده في الحكم على الرجال.
معرفة
المحققين في الأحاديث وأحوالهم من ناحية الشدة والاعتدال والتساهل.
معرفة
جهود سلفنا الصالح في حفظ السنة النبوية.
القناعة
بأن المسلمين قد اتبعوا منهجية علمية في التعامل مع السنة النبوية.
إدراك
واجبنا نحو السنة النبوية.
المحتوى: سنتناول
بإذن الله دراسة أصول الحديث على النحو التالي:
مقدمة
موجزة عن تاريخ علم المصطلح
الباب
الأول: علم الحديث من حيث
القبول والرد.
الباب
الثاني: علوم الحديث
المتعلقة بالمتن.
الباب
الثالث: علوم الحديث
المتعلقة بالسند.
الباب
الرابع: علوم مشتركة بين
السند والمتن.
الباب
الخامس: علوم الرواية
والرواة
وسنتناول هذه الأبواب بالشرح والبيان إن شاء
في العدد القادم.