شباب المستقبل
مرحبا بكم في منتداكم (شباب المستقبل)
...كل ماتريد ....باذن الله موجود
شباب المستقبل
مرحبا بكم في منتداكم (شباب المستقبل)
...كل ماتريد ....باذن الله موجود
شباب المستقبل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شباب المستقبل

شباب مؤمن وطن اقوي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول





 

 أعياد الميلاد وموقف المسلمين منها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابن الاسلام
good member
good member
ابن الاسلام


عدد المساهمات : 49
نقاط التفاعل : 161
نقاط التقييم : 1
تاريخ التسجيل : 02/12/2010

أعياد الميلاد وموقف المسلمين منها Empty
مُساهمةموضوع: أعياد الميلاد وموقف المسلمين منها   أعياد الميلاد وموقف المسلمين منها I_icon_minitimeالسبت يناير 01, 2011 8:22 pm

أعياد الميلاد المسيحية وموقف المسلين منها ( خطبة جمعة )

فضيلة الشيخ العلامة يوسف القرضاوى



المقدمة

فريق من الناس نسي نفسه ودينه

وفريق لا يرون أن تهنئ جارك

الإسلام لا يحارب إلا مَن حاربه ولا يعادي إلا مَن عاداه

إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها

ينبغي أن لا نذيب الفوارق بين الأديان

أسس التسامح مع غير المسلمين

قضايا يمكن أن نقف فيها جميعاً جبهة واحدة

شروط التسامح المطلوب منا

الإسلام جاء بالتسامح لأهل الكتاب عامة ولأهل الذمة خاصة

عجزت عن الفهم لما يجري في قضية القضايا فلسطين

الخاتمة

المقدمة

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خصنا بخير كتاب أنزل وأكرمنا بخير نبي أرسل، وجعلنا بالإسلام خير أمة أخرجت للناس، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونؤمن بالله، وأشهد أن سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا ومعلمنا محمداً عبد الله ورسوله، أرسله ربه بالهدى ودين الحق بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، ففتح الله برسالته أعيناً عمياً، وآذانا صماً، وقلوباً غلفاً، وأخرج به الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، اللهم صل وسلم وبارك على هذا الرسول الكريم، وعلى آله وصحابته، وأحينا اللهم على سنته، وأمتنا على ملته، واحشرنا في زمرته مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، أما بعد،،،

فريق من الناس نسي نفسه ودينه

فيا أيها الإخوة المسلمون، كلما دارت السنة ودار الفلك دورته، وجاءت أعياد الميلاد المسيحية، رأينا لبعض المسلمين مواقف شتى، ورأينا بل سمعنا تساؤلات كثيرة، عن ما يجب على المسلم في هذه المناسبات وما هو الموقف السليم الذي ينبغي أن يقِفه. هناك أناس يمالئون النصارى في هذه القضية، ويحتفلون بأعياد الميلاد أو ما يُسمى الكريسماس أكثر ما يحتفل المسيحيون أنفسهم، وربما لم يحتفل بعيد الفطر وعيد الأضحى وأعياد المسلمين ومواسمهم كما يحتفل بهذه المناسبة، ولا تكاد تعرفه أمسلم هو أم غير مسلم، هذا فريق من الناس، نسي نفسه ونسي دينه ونسي أصالته وذاب في غيره كما يذوب الملح في الماء.

وفريق لا يرون أن تهنئ جارك

وفي مقابل هؤلاء أناس آخرون، لا يرون أن تهنئ جارك المسيحي أو زميلك المسيحي أو قريبك المسيحي أو أستاذك المسيحي، لا يرون أن تهنئه مجرد تهنئة، مع أنه يجاملك في أعيادك ويهنئك وربما قدَّم لك بعض الهدايا، فهذا صنف آخر يرفض هذه المناسبة رفضاً تاماً بل يعتبر مجرد التهنئة حراماً من المحرمات، بل كبيرة من الكبائر بل ربما قال إنها كفر بالإسلام، هذا صنف آخر.

الإسلام لا يحارب إلا مَن حاربه ولا يعادي إلا مَن عاداه

فما الموقف السليم بين هذا الإفراط وهذا التفريط ؟ الموقف السليم أيها الإخوة أن الإسلام لا يحارب إلا مَن حاربه ولا يعادي إلا مَن عاداه، فهو يسالم مَن سالمه من غير المسلمين، ولو كانوا مشركين وثنيين، فما بالكم إذا كانوا من أهل الكتاب، الله تعالى أنزل في سورة الممتحنة آيتين محكمتين من كتاب الله تُعتبران دستوراً‌ يؤسس العلاقة ما بين المسلم وغير المسلم بعبارات صريحة واضحة، يقول الله تبارك وتعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (Cool إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) فهذان هما القسمان من غير المسلمين، قسم قاتل المسلمين في ديارهم وأخرجهم من ديارهم أو ظاهر على إخراجهم فهذا لا يجوز توليه ولا تهنئته ولا الصلة به، وصنف آخر مسالم لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم فهؤلاء لم ينه الله أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين، القسط هو العدل، أن تعطي كل ذي حق حقه، والبر شيء فوق العدل، البر هو الإحسان، يعني تعطيه الحق وتزيد فهذا من البر، تأخذ حقك وتتنازل بعض الشيء عن بعض حقك فهذا من البر، قد اختار الله هذه الكلمة التي عبَّر الإسلام بها عن أعظم الحقوق بعد حق الله تعالى وهو حق الوالدين، بر الوالدين، الله تعالى أمرنا ببر الوالدين، كذلك الله تعالى لم ينهنا أن نبر غير المسلمين، ومن البر حسن المعاشرة ومن حسن المعاشرة أن تهنئهم بأعيادهم كما يهنئونك بأعيادك، فهذا من البر ومن حسن المعاشرة الذي لم ينه الله تبارك وتعالى عنه، خصوصاً إذا كان هناك صلة بينك وبين هذا المسيحي، إذا كان جاراً لك فهناك حقوق للجار، وإن ظلم وجار، وإن كان كافراً، في عيد من الأعياد قال عبد الله بن عمرو لغلامه يا غلام لا تنس جارنا اليهودي إذا ذبحت الشاة أو نحو ذلك، وكلما دخل أو خرج قال له لا تنس جارنا اليهودي، فقال لقد أكثرت من الوصية بهذا اليهودي فقال له إني سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه"، فالجار له حق.

إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها

زميلك في الدراسة له حق، لو كنتَ في مدرسة أو جامعة ولك زميل لعله يجلس بجوارك أو الطلاب الذين يدرسون في البلاد الأوروبية أو غيرها ولهم زملاء يدرسون معهم أو لهم مشرفون أو لهم أساتذة يشرفون عليهم أيكون المسلم جافياً وقليل الذوق بحيث تمر هذه المناسبات ولا يقول لصاحبها عيدك سعيد أو ما يقولونه في هذه المناسبات، أعتقد أن الإسلام لا يمنع ولا ينهى عن هذا النوع من البر، خصوصاً أنهم يفعلون ذلك في أعيادنا، والله تعالى يقول (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) وقد مرَّ رجل مجوسي على ابن عباس وقال له السلام عليكم فردَّ عليه قائلاً وعليكم السلام ورحمة الله، فقال بعض رفقائه تقول له (ورحمة الله) ؟ فقال أليس في رحمة الله يعيش ؟،

مسوغات جواز تهنئة المسيحي بعيد الميلاد

فلا مانع أبداً أن يهنئ المسلم جاره أو زميله أو قريبه المسيحي خصوصاً أننا نعلم أن الإسلام ارتقى بالعلاقة بأهل الكتاب فأجاز التزوج منهم، أجاز مؤاكلتهم وأجاز مصاهرتهم، وهذه قمة في التسامح لم يصل إليها دين من الأديان، المسيحية لا تجيز للمسيحي أن يتزوج من غير مسيحية، واليهودية لا تجيز ذلك، ولكن الإسلام أجاز للمسلم أن يتزوج من أهل الكتاب على اعتبار أنهم أهل دين سماوي في الأصل وإن حرفوا فيه وبدَّلوا ولكنه نظر إلى هذا الأصل فقال (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ.) فأجاز مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم، ومعنى أنه أجاز مصاهرتهم أي أنه أجاز للمسلم أن تكون زوجته وربة بيته وشريكة حياته ورفيقة عمره وموضع سره وأنسه أن تكون من أهل الكتاب، أي سماحة أكثر من هذه ؟ ومعنى هذا أن تكون أم المسلم كتابية، قد يكون الإنسان مسلماً وأمه كتابية، أيجوز للإنسان أن لا يهنئ أمه في هذه المناسبة ؟ ألا يهنئ الرجل زوجته في هذه المناسبة ؟ ومعنى هذه المصاهرة أن يكون جد أولاد هذا الذي تزوج مسيحية أن يكون جدهم مسيحياً وجدته مسيحية وخالته وخاله وأولاد أخواله وأولاد خالاته أصبح هناك رحم مشترك وأصبحت هناك قرابة لها حقوقها وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله فكيف لا يجوز له أن يبر أقاربه وأن يهنئهم بهذه المناسبة ؟ أنا أعلم أن شيخ الإسلام ابن تيمية له كتاب اسمه اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أهل الجحيم، شدَّد فيه في هذه المناسبات ولم يجز أن يهنئهم المسلم بناء على أن هذا يتضمن الرضا بدياناتهم وعقائدهم وعباداتهم ولكني لا أسلم له بهذا، المسلم الذي يهنئ المسيحي لا يرضى بعقيدته ولا يقول إن عقيدته سليمة هذا أمر آخر، فليس هناك تلازم بين التهنئة وبين الرضا بعقيدة غير المسلم، ولذلك نحن نجيز هذا التعامل فيما بين الناس بعضهم وبعض إذا كانت هناك صلات تفرض على الناس أن يحسنوا معاشرتهم بعضهم لبعض، فهذا ما ينبغي أن يكون في هذه المناسبات.

ينبغي أن لا نذيب الفوارق بين الأديان

ولكن لا ينبغي أيها الإخوة أن يزيد بعض المسلمين ويغالوا في هذا الأمر حتى يندمجوا في أهل الكتاب وينسوا خصائصهم الدينية ويصبحوا كأنهم نصارى أو يهود، هذا ما لا يجوز للمسلم، يظل المسلم محتفظاً بشخصيته الإسلامية وبهويته الدينية وبشعائره المتميزة ولا يجامل في هذا الأمر، لا ينبغي أن نذيب الفوارق بين الأديان بعضها وبعض، ما يدعوا إليه بعض الناس من وحدة الأديان وتذويب الفوارق بينها هذا مرفوض لأن كل دين له خصائصه، لا يمكن أن نوحِّد التثليث والتوحيد، أو نزيل بينهم الفوارق، بين مَن يقول عيسى عبد من عباد الله ومَن يقول هو إله حق من إله حق، هذا لا يمكن، نحن نؤمن بعيسى عليه السلام ونؤمن بالإنجيل ونؤمن بالتوراة ونؤمن بالأنبياء جميعاً كما قال الله تعالى (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) ولا يصح إيمان المؤمن ولا إسلام المسلم ما لم يؤمن بجميع كتب الله وجميع رسله بكل كتاب أنزل وبكل نبي أرسل، ومَن لم يفعل ذلك اعتبره الإسلام كافراً، (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا)، ولذلك لابد أن نؤمن بكل المرسلين، من كذَّب نبياً واحداً أو رسولاً واحداً فقد كذَّب المرسلين جميعاً كما قال القرآن في سورة الشعراء (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) (كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ) (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ) وهم قد كذَّبوا رسولاً واحداً، ولكن مَن كذَّب رسولاً واحداً فكأنما كذَّب المرسلَين جميعاً ولذلك نحن نؤمن بجميع رسل الله ونؤمن بجميع كتب الله ولكن لا نؤمن بما حدث من تحريف في الأديان، نحن نؤمن بالمسيح عيسى بن مريم نبياً رسولاً من أولي العزم من الرسل ونؤمن بأن الله أنزل عليه الإنجيل فيه هدى ونور ونؤمن بأمه الصديقة البتول المطهرة الطاهرة المبرأة مريم بنت عمران وقد ذكر القرآن الكريم من آيات المسيح عيسى عليه السلام ومعجزاته ما لم يذكر في الأناجيل وما لم يعرفه النصارى، ذكر القرآن عن المسيح عيسى أنه تكلم في المهد صبياً وهذا لم يعرفه النصارى، وذكر عن معجزات المسيح أنه كان يخلق من الطين كهيئة الطير ثم ينفخ فيها فتكون طيراً بإذن الله غير إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى، هذا لم يعرفه النصارى، وذكر القرآن من معجزات المسيح المائدة التي أنزلت من السماء التي طلبها الحواريون (رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) قال الله (إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ)، هذه الآية أو المعجزة لم يعرفها المسيحيون، ذكر القرآن قصة عيسى في عدد من السور ومن السور سورة سميت مريم باسم أم عيسى عليه السلام وفيها ذكر ميلاد المسيح والحمل به وكيف ولدته أمه إلى آخره بتفصيل، وكذلك هناك سورة آل عمران، وآل عمران هي أسرة المسيح عليه السلام ابتداء من جدته وأمه قالت امرأة عمران (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، اهتم القرآن بالمسيح عيسى عليه السلام كما اهتم بالعظام من الرسل وأولي العزم منهم، نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، هؤلاء الخمسة هم أولو العزم من الرسل الذين قال الله في شأنهم لرسوله (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا)، هذا هو شأن المسيح، ولكن المسيح في نظر القرآن ليس رباً ولا إلهاً ولا ابن إله ولا ثلث إله، القرآن كفّر مَن يقول ذلك بصراحة (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ ُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)، كيف يكون المسيح إلهاً وهو يدعو إلى عبادة الله وحده ويطارد الشرك ويؤثِّم مَن أشرك ويجعله من أهل النار، إنه منذ تكلم في المهد صبياً قال (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا) وظل عابداً لله طوال حياته، هل يعبد الإله أم يُعبد ؟ هو كان عابداً لله ولذلك حينما يسأل يوم القيامة (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) )، هذا هو موقف عيسى بن مريم، موقف العابد لله تبارك وتعالى، المعترف بعبوديته، المقر لربه بربوبيته وليس كما يزعم النصارى أنه إله أو ابن إله، نحن نخالفهم في هذا من غير شك، ونرى أنه كما ذكر القرآن قد كفروا بهذا، وهناك بعض الناس يزعمون أن المسيحيين مسلمون أو مؤمنون، هذا خطأ كبير، نحن نعتقد أن كل مَن لا يدخل في دين محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر، وهذا شأن كل ذي دين، هم يعتبروننا كفاراً بدينهم ونحن نعتبرهم كفاراً بديننا، وأي صاحب دين لا يؤمن بهذا يكون متردداً في دينه متشككاً فيه، كل مَن يؤمن بشيء فهو كافر بضده، مَن يؤمن بالشيوعية كافر بالرأسمالية، ومَن يؤمن بالرأسمالية كافر بالشيوعية، وهكذا، فهذا أمر قاطع، ولكن الذي جاء به الإسلام أن اختلاف الناس في الأديان لا يعني أن يتعادوا أو يتجافوا رغم أننا نؤمن بكفر كل من عدا المسلمين خصوصاً في الدنيا، أما في الآخرة فأمرهم إلى الله، فقد يكون الإنسان معذوراً وقد لا تبلغه الدعوة الإسلامية بلوغاً مشوقاً يحمله على البحث والنظر فيكون نادياً عند الله، ولكن في الدنيا نحكم عليه بالكفر لأن الناس إما مسلم وإما كافر، ليس هناك غير هذا، التقسيم ثنائي لا شك فيه، فنحن مع هذا الإسلام أقام معالم واضحة للتسامح مع غير المسلمين، نحن رغم اعتقادنا بكفر غير المسلمين نتسامح معهم، لماذا ؟

أسس التسامح مع غير المسلمين

الأمر الأول: أننا نعتقد أن اختلاف الناس في الدين بإرادة الله تعالى ومشيئته المتعلقة بحكمته ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ )، قال المفسرون (لذلك) أي للاختلاف خلقهم، لأنه حينما أعطى كلاً منهم العقل والإرادة معناه أنه ترك له الحرية ليختار الدين الذي يريد فلو أراد أن يجمعهم على دين واحد لجعلهم كالملائكة مفطورين على الإيمان والطاعة، خلقهم بعقول وإرادات مختلفة معناه أن تختلف الأديان، هذا بمشيئة الله تعالى.

الأمر الثاني: للتسامح الإسلامي وسبب هذا التسامح، أن الحساب على كفر الكافر وضلال الضال ليس في هذه الدنيا، إنما موعده الآخرة، كما قال الله تعالى: ( وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70) )، ففي الآخرة يحاسب الله الضال على ضلاله والمهتدي على هدايته.

الأمر الثالث: أن الإسلام احترم إنسانية كل إنسان أياً كان دينه، ولذلك روى البخاري عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّوا عليه بجنازة، نعش ميت، فقام لها واقفاً، فقالوا يا رسول الله إنها جنازة يهودي، يقوم لها واقفاً وهي جنازة يهودي، فقال صلى الله عليه وسلم "أليست نفساً" أي أن كل نفس إنسانية لها حرمة، حتى وإن كانت جنازة يهودي، فما أروع الموقف وما أروع التعريف.

أيضاً الإسلام جاء بالعدل لكل الناس، ليس للمسلمين وحدهم، يقول الله تعالى: ( وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى )، بهذه المعاني وبهذه الأسس يتعامل المسلم مع الناس جميعاً، مع مخالفيه ومع موافقيه، لذلك يتحاور مع أهل الكتاب، والله تعالى يقول (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)، القرآن يأمرنا أن نذكر الجوامع المشتركة والقواسم المشتركة، نذكر نقاط الاتفاق وليست نقاط الاختلاف، نقول نحن وإياكم نقف على أرض واحدة، نحن جميعاً نؤمن بالإله ونؤمن بالآخرة ونؤمن بعبادة الله ونؤمن بالقيم الأخلاقية

قضايا يمكن أن نقف فيها جميعاً جبهة واحدة

فعلينا أن نقف جبهة متراصة ضد الملاحدة الذين ينكرون الألوهية وينكرون النبوات وينكرون الأديان السماوية، وعلينا أن نقف ضد الإباحيين الذين لا يؤمنون بالقيم الأخلاقية ويريدون أن يفسّخوا المجتمعات ويؤيدون الشذوذ الجنسي والإجهاض وكل ما يتعلق بهذه النواحي، يجب أن نقف جميعاً في وجه المظالم ومع القضايا العادلة، يجب أن نقف بقضية فلسطين مع أهل فلسطين الذين شردوا في الأرض وأخرجوا من ديارهم بغير حق، وسفكت دماؤهم وانتهكت أعراضهم .. الخ، هناك إذاً قضايا يمكن أن نقف فيها جميعاً جبهة واحدة، كل الذين يؤمنون بالله ويؤمنون بكتب السماء، علينا أن نقف وقفة رجل واحدة، وهذا ما حدث في بعض الأحيان في مؤتمر السكان في القاهرة، وقد كانت هناك وثيقة تريد أن تشيع الإباحية الجنسية والإجهاض بإطلاق وأن تجعل الأولاد بمعزل عن آبائهم وأمهاتهم يفعلون ما يشاءون وهم صغار .. الخ، وقف الأزهر الشريف في مصر ووقفت رابطة العالم الإسلامي في مكة ووقف مندوب جمهورية إيران الإسلامية ووقفت كثير من الجمعيات الإسلامية مع الفاتيكان ومندوبي الفاتيكان وممثليه في المؤتمر، وقفوا جبهة واحدة ضد هذه الاتجاهات الإباحية، نستطيع إذاً أن نتعاون فيما نتفق عليه، ونتسامح في ما نختلف فيه من أجل حسن المعاشرة، ومن أجل إنسانية راقية مهذبة، نحن لا نعادي أحداً ولكن لا نتنازل عن ديننا

شروط التسامح المطلوب منا

التسامح مطلوب منا ولكن بشروط:

أولها: أن لا نذيب الفوارق بين الأديان، هذا أمر غير مقبول.

الشرط الثاني: ألا تُتحدى مشاعر المسلمين في عقر دارهم، بلاد إسلامية خالصة يُراد أن تدخلها شعائر غير إسلامية وهذه عملية خطرة، وهذا ما حدث في إندونيسيا أيها الإخوة، دخل التبشير هناك إلى بعض الولايات وبعض المحافظات، فعمل عمله في تغيير ديانة أهلها، فكانت النتيجة أن هؤلاء طالبوا بالاستقلال عن البلد الأم، وأصبح أهل المنطقة يحارب بعضهم بعضاً، نتيجة هذا التبشير والتنصير، ولا زالوا يريدون أن يفعلوا ذلك، فعلوا ذلك في تيمور الشرقية ويريدون أن يفعلوا ذلك في ولايات أخرى ليمزقوا هذا البلد الإسلامي الكبير الذي هو أكبر بلد إسلامي، فنحن لا نقبل هذا ولا نقبل التبشير والتنصير أن يدخل هذه البلاد باسم حرية الدعوة، حرية الدعوة أن يذهبوا إلى الوثنيين وإلى الهمج الذين ليس لهم أي دين وإلى الملاحدة وما أكثرهم في أوروبا وأمريكا، وفي الاتحاد السوفييتي وفي غيرها من البلاد، اذهبوا إلى هذه البلاد، لماذا تذهبون إلى بلاد المسلمين، هذا ما ننكره عليهم، حتى أنهم في سنة 1977 اجتمعوا في مدينة بازل في سويسرا تحت عنوان تنصير العالم، المبشرون أرادوا أن ينصروا العالم، وفي سنة 1978 اجتمعوا في ولاية كولورادو لتنصير المسلمين في العالم، كأن أول مَن يحتاج إلى التنصير هم المسلمون، والمسلمون هم أصحاب أعظم ديانة في الأرض، لا يوجد دين يتمسك به أهله كالإسلام والمسلمين، انظروا إلى رمضان هذا، انظروا إلى المسلمين، عشرات الملايين بل مئات الملايين من المسلمين في المساجد يصلون التراويح، 2 مليون صلوا في ليلة القدر أو ليلة السابع والعشرين من رمضان في المسجد الحرام، مليون ونصف صلوا صلاة العيد في المسجد الحرام، المسلمون دوائر دوائر في العالم حول الكعبة كلهم يصلون، لا يوجد دين مثل هذا، يربط أتباعه بالمسجد وبعبادة الله في اليوم خمس مرات، كل يوم المسلم على موعد مع ربه خمس مرات، لا يوجد دين مثل هذا، كيف يريد هؤلاء الناس أن ينصروا المسلمين وهم شديدو التمسك بدينهم والغيرة عليه إلى حد أنهم مستعدون أن يبذلوا النفس والنفيس والغالي والرخيص ويضعوا رؤوسهم على أكفهم دفاعاً عن دينهم، إذا كنا نريد التعايش السلمي والتعايش المتسامح فلا يجوز للمسيحيين أن يغزوا بلاد المسلمين، أن يغزوها دينياً وفكرياً واجتماعياً ويحاولوا تغيير طبيعتها، هذا ما ترفضه الأغلبية الإسلامية من غير شك.

الإسلام جاء بالتسامح لأهل الكتاب عامة ولأهل الذمة خاصة

الإسلام جاء بالتسامح لأهل الكتاب عامة ولأهل الذمة منهم خاصة، كلمة أهل الذمة تعني الذين يعيشون في أوطان المسلمين من غير المسلمين، الفقهاء يسمون هؤلاء أهل دار الإسلام، وأهل دار الإسلام نعبر عنها الآن بالمواطنين، أي المواطنين من غير المسلمين، هم مواطنون لهم ما لنا وعليهم ما علينا في الجملة إلا ما اقتضاه التميز الديني، نحن لا نفرض عليهم شعائر ديننا ولا نسامحهم في أن يتحدّوا شعائر ديننا، فهذا ما يريده الإسلام، وأنا قلت لبعض هؤلاء خصوصاً العرب من المسيحيين، قلت لهم أنت لست مسلماً بالعقيدة والديانة ولكنك مسلم بالثقافة والحضارة، وقال الزعيم القبطي مكرم عبيد في زمانه وكان من زعماء الأقباط في مصر، أنا مسيحي ديناً مسلم وطناً، أي أنه يعيش في وطن ودار الإسلام، فهو يعتبِر نفسه مسلماً بالدار، مسلماً بالوطن، مسلماً بهذا الاعتبار أو بالثقافة والحضارة، هذا ما نحب أن يعرفه المسلمون في هذه القضية التي يختلط فيها الحابل بالنابل ويقف بعضهم في أقصى اليمين والبعض في أقصى اليسار، والخير كل الخير في الوسطية (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)، اللهم فقهنا في ديننا واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب.

عجزت عن الفهم لما يجري في قضية القضايا فلسطين

الحمد لله، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يسبح له ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله البشير النذير والسراج المنير، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه الذين آمنوا به ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون، ورضي الله عمن دعا بدعوته واهتدى بسنته وجاهد جهاده إلى يوم الدين، أما بعد،،،

أيها الإخوة المسلمون، أود أن أصارحكم أني عجزتُ عن الفهم لما يجري في قضية القضايا، قضية المسلمين الأولى والمحورية والمركزية، قضية فلسطين، أرض الإسراء والمعراج، أرض النبوات والمقدسات، قضية القدس الشريف، قضية المسجد الأقصى، قضية اللاجئين المشردين بالملايين عن أرضهم، قضية الحق الواضح الذي لا لبس فيه ولا غموض ولكني لا أدري ماذا يجري، في كل يوم نسمع تصريحات ونرى محاورات ونشاهد لقاءات وقد اختلط الحابل بالنابل والتبس الحق بالباطل، ماذا يُراد بهذه القضية ؟ ما هذه الجولات المكوكية بين العواصم المختلفة، وما الذي يُراد من الذهاب إلى واشنطن والعودة من واشنطن ؟ الذي أؤمن به أيها الإخوة أنهم يريدون شيئاً واحداً يحرصون عليه، ويصممون عليه، هذا الشيء هو إجهاض الانتفاضة، إيقاف انتفاضة الأقصى المباركة التي بذل فيها إخوتنا وأخواتنا وأبناؤنا وبناتنا في فلسطين بذلوا الأنفس والدماء رخيصة، قدموا الأرواح زكية في سبيل الله، أراقوا دماءهم، قبلوا أن تُكسر العظام وأن يُصابوا بالتشوهات والعاهات المستديمة، قدموا المئات من الشهداء والآلاف من الجرحى والمعوقين، قدموا هذا من أجل هذه القضية، ومع هذا يريد مَن يريد أن يلتف عليهم من وراء الكواليس هناك ويتفق مع هذا وذاك على وأد الانتفاضة، (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (Cool بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) ) لماذا توأد الانتفاضة؟ ماذا حصلتم وماذا جنيتم من ثمرات حتى تئدوا هذه الانتفاضة وتحاولوا أن توقفوها، هذا ما لا يقبله فلسطيني آمن بالله رباً وآمن بوطنه وطناً وآمن بنفسه إنساناً مؤمناً عزيزاً، إما أن يعيش سعيداً أو يموت شهيداً (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ)، يريدون إيقاف العنف كما يسمونه، مَن الذي يمارس العنف ؟ الفلسطينيون العزل من السلاح أم الصهاينة الذين يملكون هذه الترسانة الكبرى ويستخدمون الدبابات والطائرات والمروحيات ويستخدمون الصواريخ والرصاص الحي، ولا يبالون بمن قتل أو جرح من هؤلاء، كأن هؤلاء لا وزن لهم، كأنهم أغنام تُذبح، مَن الذي يمارس العنف ؟ الفلسطينيون أم الإسرائيليون ؟ لماذا يريدون أن يضغطوا على الفلسطينيين ولا يضغطوا على بني إسرائيل؟ ما هذا ؟ لماذا الكيل دائماً بمكاييل مزدوجة والغزل بمغازيل مزدوجة ؟، هل هذا هو العدل الذي تريده أمريكا سيدة العالم والتي هي القطب الأوحد في العالم والتي تريد أن تفرض سيطرتها على العالم ؟ مَن يريد أن يسود العالم ويقوده فلابد أن يقوده بالقسط ويسوده بالعدل، فالعدل إن دام عمّر، والظلم إن دام دمّر، الأمم لا تقود ولا تسود، إلا إذا حكمت الموازين القسط بين الناس، أما الذي ينحاز لفئة دائمة كما تفعل أمريكا هي منحازة بالحق وبالباطل وفي العدل وفي الظلم وبالصواب وبالخطأ هي منحازة لإسرائيل، كل ما تقوله إسرائيل فهو صدق، وكل ما تراه إسرائيل فهو صواب، وكل ما تفعله إسرائيل فهو جميل، أهذه هي السيادة على العالم ؟ نحن نرفض أن توأد هذه الانتفاضة، يجب أن تظل الانتفاضة من الخيانة لله والخيانة لرسوله والخيانة للأمة والخيانة للقضية أن توأد هذه الانتفاضة وما حققت أهدافها، وما هو الهدف فيما يريد أن يفرضوه على الفلسطينيين، ماذا يأخذون ؟ وماذا يبقى لهم؟ إنهم يأخذون الفتات إنهم يأكلون التمر ويعطونهم النوى، أهذا هو ما يُراد لأبناء فلسطين ؟ يا أبناء فلسطين ويا كل الفصائل الفلسطينية ويا أبناء فتح ارفضوا هذه المؤامرات التي تُحاك من وراء الستار وتريد أن تذل هذا الشعب الأبيّ، هذا الشعب المقاتل، هذا الشعب الفدائي، هذا الشعب الذي قدّم الكثير ولا يزال يقدم، تريد أن تكسر شوكته وتريد أن تطأطئ رقبته وأن تذله إذلالاً وما يجوز لنا أن نقبل هذا بحال، كل فلسطيني حر يرفض هذه المساومات الرخيصة، يرفض هذه المؤامرات الدنيئة على هذا الشعب وعلى قضيته العادلة، وكلنا يجب أن نسير مع هذا الشعب، هناك تراخ في الإعلام العربي كأن هناك أمراً من جهات عليا تقول خففوا الكلام عن القضية وعن الانتفاضة، القوى الكبرى في العالم تريد هذا، والأنظمة الحاكمة هنا وهناك تستجيب رغباً ورهباً وخوفاً وطمعاً وضعفاً وذلة، وما ينبغي لنا نحن المسلمين أن نذل إلا لله (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ )، يجب أن تظل الشعوب والجماهير حية متيقظة، يجب أن تظل الجمرة مشتعلة في تأييد هذه الانتفاضة ومساندتها بكل ما نستطيع، وأول ما نستطيعه المقاطعة، المقاطعة الاقتصادية التي بدءوا يصرخون من ثمراتها وبدأت تتسع نطاقاتها ومساحاتها في العالم الإسلامي كله، فاستمروا أيها الإخوة على موقفكم وعضوا عليه بالنواجذ وسيروا على بركة الله والله معكم ولن يتركم أعمالكم (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ).

الخاتمة

اللهم اجعل يومنا خيراً من أمسنا واجعل غدنا خيراً من يومنا، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم انصر إخوتنا المجاهدين في سبيلك، اللهم انصر إخوتنا في فلسطين في أرض النبوات، اللهم انصر إخوتنا في المسجد الأقصى وحول المسجد الأقصى، اللهم أيدهم بروح من عندك، اللهم احرسهم بعينك التي لا تنام، اللهم افتح لهم فتحاً مبيناً، واهدهم صراطاً مستقيماً وانصرهم نصراً عزيزاً وأتم عليهم نعمتك وأنزل في قلوبهم سكينتك وانشر عليهم فضلك ورحمتك، اللهم انصر إخوتنا المجاهدين في لبنان وفي كشمير وفي الفلبين وفي السودان وفي كل أرض من أراضي الإسلام، اللهم لا تخذلهم، اللهم كن لهم ولا تكن عليهم، وأعنهم ولا تعن عليهم وانصرهم ولا تنصر عليهم، اللهم عليك باليهود الغادرين الظالمين المغتصبين، اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم نكس أعلامهم وزلزل أقدامهم، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، اللهم خذهم ومَن ناصرهم أو عاونهم أو وادهم أخذ عزيز مقتدر، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين، ربنا اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.

عباد الله يقول الله تبارك وتعالى (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع القرضاوى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أعياد الميلاد وموقف المسلمين منها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شباب المستقبل :: اسلامنا عظيم :: خطب مشاريع دعوية-
انتقل الى: